ما هو الضوء؟


 تمرير حزمة من أشعة  الشمس عبر منشور زجاجي

في حياتنا نعم كثيرة لا نقف عندها ولا نتساءل عن ماهيتها. ونعمة الضوء واحدة من المسلمات التي نتمتع بها دون التفكير في ماهيتها .أما  العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن ،قد حاول الإجابة عن هذا السؤال -ما هو الضوء؟- من خلال تجربة قام بها في عام 1666 وتتمثل في تمرير حزمة من أشعة الشمس عبر منشور زجاجي . فكانت النتيجة تتمثل في خروج مجوعة رائعة من الألوان ، (الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي) بنفس هذا الترتيب.

وإن كانت هذه التجربة ستدل على شيء ،فهي تبين مكونات الضوء الأبيض وهي تلك الأوان المنبعثة من ذلك المنشور. ومن هذا المنطلق جاءت تسمية ألوان الطيف spectrum .لكن هذه التجربة لا تجيب عن السؤال ما هو الضوء؟ لاكنها جعلت "نيوتن" يفترض أن الضوء مكون من جسيمات متناهية الصغر و الدقة ، تتحرك ضمن خطوط مستقيمة!

وفي سنة 1675 ، تقدم العالم الهولندي " كريستيان هيجنز" بتفسير جديد للضوء ، و إعتبر الضوء مكون من موجات لها أبعاد مختلفة، لأنها تنقسم إلى مجموعة من الألوان إذا ما عبرت من خلال منشور زجاجي كما في التجربة التي أجراها "نيوتن ". لكن هذا الإفتراض الجديد لا يقدم لنا تفسيرا حول تنقل الضوء بصفة مستقيمة، ولا يجيب عن التساؤل الذي يقول كيف يمكن لموجات الضوء أن تنتشر من الشمس إلى الأرض عبر الفراغ. ذلك أن الموجات تحتاج إلى وسط حتى تتنقل من خلاله!

هكذا بقيت محاولات تفسير الضوء تنبني على إفتراضية حتى العام 1801 حين قام الفزيائي البريطاني " توماس يونج" بتجربة أخرى من خلال تمرير شعاع ضيق من الضوء عبر حاجزين تفصلهما مسافة صغيرة ، وفي كل حاجز جعل ثقبا صغيرا . يمر الضوء عبر الثقوب إلى شاشة مثبتة خلف الحاجزين. وتبين أن الضوء المسلط على الشاشة يكون أحياناً ناصع البياض وفي أحيان أخرى يكون باهتا أو خافتا وذلك بالتناوب مما لا يدع مجالا للشك أن الضوء لا يتحرك في شكل خطوط مستقيمة كما إعتقد نيوتن ولكنه يتنقل على هيئة موجات. وتفسير هذه الحالة أن الموجات التي لها نفس الطول تعزز بعضها بعضاً، ويؤدي ذلك إلى ضوء ناصع؛ تماما كما يحدث  لدى موجة البحر عندما تلحق بموجة أخرى فتعززها لتصبح موجة أكبر وأقوى! أما إذا كانت أطوال موجات الضوء مختلفة، ينتج تضارب فيما بينها و يؤدي ذلك إلى ضوء خافت ، مثلما يحدث لموجة تلتقي أخرى تكون مرتدة عن الشاطئ تضعفها! 

وعلى هذا يكون العالم الإنجليزي "توماس يونج" قد تمكن من إثبات طبيعية الضوء من حيث إنتشاره على هيئة موجات في خطوط مستقيمة. وقد قام هذا العالم بحساب طول موجات الضوء، فوجدها تتراوح بين  750نانومتر (الأشعة الحمراء) و 390 نانو متر (الأشعة البنفسجية).و النانو متر Nanometer ، وحدة لقياس الأبعاد المتناهية في الصغر، وهي تساوي جزءاً من ألف مليون جزء ينقسم إليها المتر الواحد، وتكتب "nm".

أما أطوال موجات الضوء فهي ثابتة لا تتغير. وقصر أطوال هذه الموجات هو السبب في أن الضوء ينتقل في خطوط مستقيمة. وتجدر الإشارة أن موجة الضوء تسمى موجة عرضية  transverse wave إذ تذبذب يمينا ويسارا بزاوية قائمة، بينما تمضي إلى الأمام.وفي سنة 1845 إكتشف عالم الكمياء و الفزياء الإنجليزي " مايكل فاراداي" أن الضوء هو الجزء من المجال الكهرو مغناطيسي الذي يمكن رؤيته و [المجال الكهرومغناطيسي]  spectrum électromagnétiques مكون من موجات أطولها موجات الراديو وأقصرها أشعة جاما . وبين هذه وتلكتقع موجات الضوء.وكذلك أكدت تجارب وأبحاث العالم الأسكتلندي " جيمس كلارك ماكسويل " صحة الإستنتاج الذي توصل إليه من قبل العالم " مايكل فاراداي " أن الضوء نوع من الإشعاع الكهرومغناطيسي. وسرعة الضوء هائلة، حيث ينتشر الضوء بسرعة ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية الواحدة تقريباً وذلك ما يجعل الظلام يسود على الفور حالما نطفئ مصباحا في مكان مغلق. والعكس صحيح . ومن خصائص الضوء العجيبة سرعته الثابتة بغض النظر عن حركة الناظر إليه!

رغم إكتشاف العديد من خصائصه ، يبقى الضوء لغزا كبيرا ومحيرا . حتى مجيء العالم الألماني الفذ ألبيرت أينشتاين.لاحظ  أن الضوء المسلط على المعدن يؤدي إلى تسخين سطحه. ومعنى ذلك أن الضوء طاقة .كان ألبيرت أينشتاين عالم الرياضيات والفيزياء  الشهير  هو من أجاب عن ذلك السؤال: ماهو الضوء؟ وقد خلص إلى نتيجة مفادها أن الضوء وحدات من الطاقة! و تسمى علميا الفوتونات photons ويبقى تعريف أينشتاين للضوء هو الأهم في العلم الحديث ولكنه ليس كل شيء إذ لايزال العلماء يبحثون في هذه المسألة لحل العديد من التساؤلات خاصة في ما يخص علوم الكون ونشأته والعديد من الأسرار العلمية الأخرى ااتي لا يمكن حل ألغازها إلا من خلال المزيد من العمل على فهم ظاهرة الضوء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفواكه الجافة أو المكسرات: فوائدها وتأثيرها على صحتنا

نكت مكتوبة باللهجة المصرية مضحكة جداً

من طرائف نابليون بونابرت