ألبرت أينشتاين واضع نظرية النسبية ( الجزء الأول من قصة حياته)


ولد ألبرت أينشتاين في مدينة 《 أولم》 بألمانيا يوم 14 مارس سنة 1879 من أبوين يهوديين. وكانت سنة ميلاده سوء طالع على إستقرار الأسرة التي أفلست تجارتها وانتقلت إلى 《 ميونخ》.
كان 《ألبرت إنشتاين》ميالا إلى العزلة منذ الصغر لأنه كان ضعيف الذاكرة متبلد الذهن يخشى سخرية أصدقائه الذين يتحاشونه ويهينوه كلما سنحت الفرصة لأته يهودي. ..
ورغم ذلك، تميزت نفسية هذا الطفل بنزعة قوية ورغبة ملحة في الإستكشاف وخاصة عندما يتأمل العالم الخارجي فاستنتج بمفرده أن إبرة البوصلة تشير دائما إلى إتجاه واحد ولا يؤثر عليها أي شيء وأن هذه الظاهرة موجودة في الفضاء الفارغ...ولئن كان آنذاك أصغر من أن بستطيع إدراك مبدأ المغناطيسية، إلا أنه أحس بأنه يقف على عتبة عالم سحري حافل بالأعاجيب. وحين بلغ العاشرة دخل 《 إنشتاين》 المدرسة التقليدية حيث قضى فيها خمس سنوات ، فاضطرت عائلته للرحيل مرة أخرى إلى《ميلانو》 سعيا وراء إنشاء مصنع صغير تعيش في كنفه. فبقي 《 ألبرت》عند بعض أقاربه لإتمام دراسته، لكنه ترك المدرسة لأنه كان تلميذا صعب المراس ينفر منه أساتذته، وكان كثير الجدل والمناقشة ولم يكن يخفى خلافه مع  مدرسبه ونفوره منهم حتى أن مدرس اللغة اليونانية إستدعاه مرة وطلب منه أن يغادر المدرسة فورا قائلاً له《 إنك لن تفلح في حياتك قط》. وكان《 أينشتاين》يكره اللغة اليونانية وكل المواد التي تعتمد على الحفظ وقوة الذاكرة.

وأطرد من المدرسة، فانزعج والده من تصرفاته وحثه على تحمل مسئولياته كشاب يطمح إلى بناء مستقبله ليعيش مترفها وليتخلص من الففر المدقع الذي لازم العائلة. كما كان دائماً يدعوه إلى التخلي عن تفكيره الفلسفي الذي لا طائل من ورائه. وفي هذه المرحلة من حياته، ساءت حالة العائلة المالية وأصبح من الضروري أن يبحث 《 أينشتاين》عن عمل وهو في السادسة عشر من عمره، لكن الأسرة مازالت عازمة على دخول إبنها الجامعة، في حين حال عدم حصوله على الشهادة الثانوية دون ذلك.  ومن حسن حظه كانت هناك مدرسة في 《 زوريخ》 لا يشترط في دخولها غير إجتياز إمتحان داخلي فتقدم 《 ألبرت》 إلى ذلك الإمتحان وأخفق ف إمتحان اللغات الأجنبية لكنه تفوق في مادتي الرياضيات والفيزياء ورغم ذلك فقد رفضت المدرسة قبوله لأنه لم يتحصل على المعدل الذي يؤهله للدراسة فيها.  وخرج 《أينشتاين》يوم الإعلان عن النتائج يجر أذيال الخيبة، وما إن وصل إلى البيت حتى لحق به أحد الناجحين، وكان قد تعرف عليه أيام الإمتحان  وقال له إن المدير يريده أن يحضر فورا لأمر يهمه، فاسترجع قليلا من الثقة بنفسه والتقى بالمدير الذي أعلمه بأنه أعجب بإجاباته في إمتحان الرياضات وأن المصححين إندهسوا من قدراته على التحليل وطريقة الحل التي توصل إليها هذا التلميذ الذي فشل في الامتحان ! وقرر المدير أن يلحقه بالدراسة لمدة سنة حتى يمكن له إجتياز الإمتحان مرة أخرى في العام القادم. ونجح《اينشتاين》في العام الثاني ودخل المدرسة العليا سنة 1896. فكان سعيدا بدراسته الجامعية في سويسرا وراح يمبل إلى الإختصاص في الرياضيات والفيزياء ويلتهم كل كتاب تقع عليه عيناه في هذين الموضوعين الشائقين، كما كان مولعا بالموسيقى وبالعزف على آلة الكمان خاصة. وكان بجد فيها ملاذاً من صخب الحياة، وكثيراً ما كان يستمع إلى أمه وهي تعزف ألحان موزارت و بيتهوفن على البيانو فتغمره نشوة لا بشعر بها إلا من كانت له طبيعة ميالة إلى العزلة والإنفراد.
وقضى 《أينشتاين》أربع سنوات في المدرسة العليا درس خلالها المناهج الخاصة بالرياضيات والفيزياء. والغريب أنه لم يكن متفوقا في دراسته وكان يتغيب عن محاضرات أساتذته وكان يرسب في آخر إمتحان له لولا زميله 《 مارسيل جروسمان》 الذي كان بحضر كل الحصص ويحتفظ بمذكرات قيمة عن محاضرات الأساتذة وكان يسمح 《لأنشتاين》أن يذاكر منها. ونجح في امتحانه بفضل صديقه الوفي 《 جروسمان》(الذى سيكون له شأن في سطوع نجم أينشتاين) وتخرج عام 1900 في حالة نفسية رهيبة وظل شديد الكراهية للتفكير في أي موضوع علمي طيلة سنة كاملة.

حاول أينشتاين الحصول على عمل لكنه لم يوفق في ذلك بسبب مذهبه الديني فتوسط له والد صديقه 《جروسمان》 لدى مدير إدارة تسجيل البراءات و الإكتشافات، وفي هذه الإدارة التي قضى بها سبع سنوات بدأت تتفتق عبقرية 《أينشتاين》 الفزيائية إذ كان يشغل باله بمعادلات رياضية معقدة وبدونها في مفكرته ثم يعرضها على رئيسه الذي إعتبرها هراء نظريا لا طائل منه، أما هو فقد كان متيقنا من جدواها واحتوائها حقائق هامة لم تكن تصدقها إلا زميلته الآنسة《 ميلفا ماريك》 التي تزوجها فيما بعد. وبدأ 《أينشتاين》يضع فرضياته الفيزيائية لحل ألغاز هذا الكون ، وفي عام 1905 نشر وهو في السادسة والعشرين من العمر أربعة أبحاث في مجلة 《حوليات الفيزياء》 التي رفضت التعامل معه من قبل. ولاحظ في هذه الأبحاث وخاصة في البحث الثالث أن كل المحاولات التي قام بها العلماء من قبله لحل كيفية تكون الكون وعوالمه المتباينة ليست إلا إفتراضات خاطئة، إذ كانوا يعتقدون أن كل ما يتراءى لأعينهم صحيح ولا مجال للشك فيه، وأثبت 《أينشتاين》 أن المنظر الطبيعي يبدو مختلفا لأشخاص عديدين ينظرون إليه من نواح مختلفة، فهو في نظر الراكب في سيارة شيء آخر. ..فالإختبار إذا شيء نسبي والحقيقة الموضوعية في الكون هي التي تؤلف إتحادا من كل وجهة إختيار ممكن، وبين 《 أينشتاين》 أن الحقيقة المجردة فقط هي التى يمكن إثباتها عن طريق مجموع الملاحظات المتعلقة بها. وطرح إفتراضين أساسين أولهما ينص على أنه لاتوجد تجربة من أى نوع كانت قادرة على إكتشاف السكون المطلق تنفيذا لقول 《إسحاق نيوتن》بأن كل شيء يميل للبقاء هو ساكن،أما الإفتراض الثاني فينص على أن الضوء يتحرك في الفضاء الفارغ في خطوط مستقيمة وسرعة ثابتة.

وكان التوفيق بين هذين الإفتراضين مستحيلا في مجال النظريات الفيزيائية السائدة آنذاك، ولكي يوفق 《 اينشتاين》 بينهما كان عليه أن يتخلى عن مفهوم الزمان المطلق ومفهوم المسافة المطلقة وكان عليه السماح بانكماش طول المسطرة التي يقيس بها طول المسافة خلال حركتها في الفضاء وأن تبطئ ساعات قياس الزمن وأن نقبل وقوع حدثين في نفس الوقت بالنسبة إلى مشاهد في حين في زمنين مختلفين بالنسبة إلى مشاهد آخر. .هذه هي بإختصار وتبسيط ثورة 《 أينشتاين》 على مفهومي الزمان والمكان التي وقف إلى جانبه فيها زميله في الدراسة 《 مارسيل جروسمان》 والتي كان فيها لمعظم مشاهير العلماء آنذاك موقف متردد ثم إقتنعوا بأن كل الطرق أو الإتجاهات لأي جسم متحرك هي نسبية مقارنة إلى الأماكن المختلفة التي نرى منها حركات تلك الأجسام. وبدأ 《أينشتاين》في بلورة نظرية النسبية التي بقيت مبهمة في أذهان بعض الفيزيائيين، وبين أن كل الأجسام تبدو متقلصة أثناء تحركها، فالمراقب الجالس في قطار يسير بسرعة يرى قطاره السائر أطول مما يراه مراقب آخر خارج القطار ومعدل تقلص الجسم المتحرك يزداد بازدياد سرعته فالمدى نسبي وكذلك الزمن. فالماضي والحاضر والمستقبل هي مجرد نقاط في الزمن مماثلة لثلاث نقاط في الفضاء تحتلها مثلا ثلاث مدن كبرى. والوقت كالفضاء كلاهما حركة نسبية، فإذا إستطاع المرء أن يسبق سرعة الضوء -وذلك مستحيل طبعاً- فإنه سيدرك ماضيه ويستطيع أن يرى النتائج قبل أن يرى الأسباب ويرى الحوادث قبل وقوعها، فالزمن هو مجرد ساعة كوكب سيار تقيس الحركة، وأن لكل كوكب نظامه الخاص في التوقيت، ومكاننا في الزمن يتوقف على مركزنا في الفضاء والضوء الذي يأتينا من نجم بعيد يمكن أن يكون قد إنطلق منذ ملايين السنين. ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفواكه الجافة أو المكسرات: فوائدها وتأثيرها على صحتنا

نكت مكتوبة باللهجة المصرية مضحكة جداً

7 خطوات تجعلك لاعب شطرنج متفوق